من الأسر إلى القصر.. ديوماي فاي رفيق سونكو الذي يقترب من حكم السنغال
25/3/2024-آخر تحديث: 25/3/2024-03:43 م (بتوقيت مكة المكرمة)
طوت الأيام صحائف الرئيس السنغالي ماكي سال وزوجته مريم فاي في الحكم، حيث سيغادران قريبا القصر الرئاسي ليحل فيه رجل آخر وسيدة أخرى، ويبدو أن بصيرو ديوماي فاي -الذي يشترك مع زوجة الرئيس المنتهية ولايته في الاسم العائلي- بات، وفقا لنتائج أولية مؤقتة، الاسم الأكثر قربا من القصر الرئاسي في السنغال، من بين أكثر من17 سعوا جاهدين إلى هذا المنصب السامي في بلاد “الاستثناء الديمقراطي” في أفريقيا.
ينتمي بصيرو إلى الشباب، فهو من أصغر المرشحين للرئاسيات في بلاده، ولا يتجاوز عمره 44 سنة، منها واحدة قضاها وراء القضبان في سجن “كاب مانوال” بالعاصمة السنغالية داكار، قبل أن يخرج بعد مضي 6 أيام من الحملة الانتخابية إثر عفو عام أصدره الرئيس ماكي في سياق محاولة تهدئة المشهد السياسي بالتزامن مع انتهاء ولايته.
ومن بوابة السجن خرج فاي إلى الميدان، ليدرك 10 أيام من الحملة الانتخابية، لم تكن في حقيقتها إلا جزءا محدودا من حملة انتخابية طويلة لصالح فاي وحلفه الانتخابي، إذ أسهمت الأزمة السياسية والملاحقات القضائية وقرارات الرئيس سال الأخيرة بتأجيل الانتخابات، وما أثارته من استياء داخل أوساط سنغالية عديدة، في الدعاية لهذا المرشح الخارج لتوه من تجربة نضالية امتدت لـ3 سنوات وانتهت بإيداعه السجن، ليتسلق بعد ذلك المراتب العليا في النتائج المعلن عنها في الانتخابات حتى الآن، باعتباره المرشح الأوفر حظا، أو الرئيس الخامس للسنغال، وفق أنصاره.
ينتمي فاي إلى منطقة أمبور (غرب السنغال)، وتحديدا لقرية ندياجانياو الزراعية، وبين الحقول والرياض عاش الفتى جزءا من طفولته ومراهقته، قبل أن يحصل على الثانوية العامة (الباكالوريا) سنة 2000، ولم يخف الفتى امتعاضه من النتيجة التي حصل عليها في امتحان الباكالوريا، فقد كان يعتقد أنه نال بقلمه مرتبة الشرف الأولى، ولم يكن راضيا عن مجرد النجاح في امتحان ظل على الدوام يمثل عقبة كأداء في العادة أمام أعداد كبيرة من طلاب الثانوية في البلاد.
كان يومها في العشرين من عمره، أما العشرون الأخرى، فقد توزعت بين الدراسة في جامعة الشيخ آنتا جوب (كبرى الجامعات السنغالية) التي نال منها شهادة الماجستير في القانون، قبل أن ينجح في امتحان القبول بالمدرسة الوطنية للإدارة، قبل أن يتخرج فيها مفتشا في الضرائب، ومن هناك انفتحت للرجل بوابة أفق سياسي، بدأ بعلاقة صداقة وطيدة مع رفيق دربه و”مرشده” السياسي عثمان سونكو.
يشترك الطرفان في العمل موظفين ساميين في إدارة الضرائب، كما اشتركا أيضا في العمل السياسي، وفي تأسيس حزب “الوطنيون من أجل العمل والأخلاق والأخوة” المعروف اختصارا بـ”باستيف”، وتقاسما النضال والصراع مع نظام الرئيس ماكي سال.
كان سونكو في الواجهة أكثر من بصيرو، لكن الأخير كان يحظى بشيء من معية اسمه، إذ يرى فيه قادة الحزب -الذي يتولى أمانته العامة- رجلا هادئا محاورا بقوة، عنيدا في الدفاع عن أفكاره، ملتزما بالقرارات التي تصدر بأغلبية الأصوات حتى ولو خالفت رأيه.
وإلى جانب التكوين الفني والمشترك السياسي، فإن بصيرو وسونكو قد اشتركا أيضا في صالة الألعاب الرياضية، لتتعدد القواسم المشتركة بين رجلين أراد أحدهما الرئاسة وسعى لها سعيها، في حين ساقتها الأقدار إلى آخر، قذف به حزبه في آخر لحظة بعد أن اتضح أن ترشح المعارض الشهير عثمان سونكو بات مناط الثريا بسبب الأحكام القضائية التي رمت به خلف القضبان.
إعلان
بصيرو.. حكيم باستيف وصانع تمدده بالخارج
في أبريل/نيسان 2023، نال بصيرو حكما بالسجن بتهمة ازدراء المحكمة وإهانة القضاء، ليدخل السجن مع نخبة من قيادات باستيف، ذلك الحزب الذي دخله أول مرة خلال الاجتماعات التأسيسية لحزب باستيف عام 2014، قبل أن يترقى تدريجيا وبشكل متسارع، ليكون أحد صانعي القرار الأساسيين في الحزب، والذراع القوية لرئيسه عثمان سونكو.
تولى بصيرو الأمانة العامة للحزب -الذي تم حله في يوليو/تموز 2023- مع ملف السنغاليين في الخارج، ومكنت جولاته المتعددة في أوروبا بشكل خاص من حشد التأييد والدعم السياسي والمالي للحزب الذي استطاع في فترة وجيزة أن يستحوذ على نصيب الأسد من دعم الجماهير الشبابية في بلاده.
يمكن القول إن تحالف سونكو وبصيرو والوجوه الشابة المحيطة بهم استطاعت بقوة أن تعيد تنظيم غضب المجتمع السنغالي جراء ارتفاع الأسعار، وتدني فرص التشغيل، واختلال سياسات التوازن الاقتصادي، وفق ما يرى خصوم الرئيس المنتهية مأموريتاه في السلطة.
https://imasdk.googleapis.com/js/core/bridge3.629.1_en.html#goog_122551104تشغيل الفيديو
متدين في قصر علماني عريق
يصنف بصيرو ضمن مؤشرات التحولات السياسية في السنغال، حيث يعتقد كثيرون أنه وظهيره عثمان سونكو جزء من الظاهرة الإسلامية التي تتمدد في السنغال.
يبدو بصيرو بمظهر إسلامي عبر لحية طويلة نسبيا مقارنة ببقية منافسيه للرئاسيات، ولدعم واسع من التيارات الإسلامية الجديدة التي كانت تراهن على هذا الشاب بديلا عن أنظمة وقوى سياسية عريقة في العلمانية.